yassinebblogspot.blogspot.com
مفردات تطبيقات اللّسانيات العربيّة
1. فقه
اللّغة في الكتب العربيّة لعبده الرّاجحي/ الأصول تمام حسان ...
2. نصوص
من الكتاب لسيبويه ...
3. كتاب
الصّاحبي في فقه اللّغة لابن فارس/ كتاب الخصائص لابن جني.
4. نصوص
من البيان والتّبيين للجاحظ/ رسالة المعلّمين للجاحظ/ نصوص
من مقدّمة ابن خلدون.
5. تحليل
نصوص من كتاب الإيضاح في علل النحو للزجاجي/نصوص من كتاب المفاهيم الأساسية للنظرية
الخليلية عبد الرحمن حاج صالح.
6. نماذج
من كتاب اتجاهات البحث اللساني ميلكا إفيتش/النحو العربي والدرس اللغوي الحديث دراسة
في المنهج عبده الراجحي/ اللغة ذلك المجهول كريستيفا ...
7. دوسيير/
مارتيني / تشومسكي/ البنيويّة للحنّاش ...
8. نصوص
من كتاب اللسانيات العربية الحديثة، لمصطفى غلفان
9. نصوص
لعبد الرحمن حاج صالح/نصوص من كتاب اللغة العربية معناها ومبناها تمام حسان./ أحمد المتوكل / اللسانيات واللغة العربية
/ الفاسي الفهري
10. نصوص
من كتاب علم اللغة لمحمود السعران، كتاب الأصوات
لأحمد مختار عمر/ الأصوات اللغوية لإبراهيم أنيس...
11. نصوص
من كتاب في نحو اللغة وتراكيبها خليل عمايرة/ في النحو العربي نقد وتوجيه لمهدي المخزومي....
12. نصوص
من كتاب علم الدلالة لأحمد مختار عمر / علم الدلالة فايز الداية .......
13. العربية
وتخطيط المتن والمنزلة/(الترجمة/صناعة المعاجم/ تيسير النحو تيسير الكتابة / المصطلح/
التعليمية...)
14. قراءة
في كتاب العقلانية اللّغويّة العربيّة حافظ علويّ
تطبيقات اللّسانيات العربيّة
التّطبيق (1): تحليل نصوص من كتاب (فقه اللّغة في الكتب العربيّة) لعبده
الرّاجحي، وكتاب (الأصول: دراسة إبستيمولوجيّة للفكر اللّغويّ عند العرب:
النّحو-فقه اللّغة- البلاغة) لتمام حسان.
النّص الأوّل: قال عبده الرّاجحي في كتابه (فقه اللّغة في الكتب العربيّة):
"عرفت الدّراسات اللّغويّة في جامعاتنا مصطلح (فقه اللّغة) ثمّ عرفت مصطلح
(علم اللّغة). ولم يسلم استعمال المصطلحين من خلط أدّى إلى اضطراب في فهم كلّ علم
وفي تحديد ميدانه، فرأينا من يكتب كتابا في (فقه اللّغة) وهو يعني علم اللّغة، مع
شيء من التّوسّع في استعمال هذا المصطلح؛ إذ يعرض فيه لبحوث تتعلّق بحياة اللّغة
وما يطرأ عليها من تغيّرات، ولبحوث تتعلّق بدراسة الأصوات الّتي تتألّف منها
اللّغة، ولبحوث تتعلّق بدراسة اللّغة من حيث دلالتها... إلخ.
ثمّ رأينا من يكتب كتابا في (فقه اللّغة) ويقرنه بعنوان توضيحيّ، هو (دراسة
تحليليّة مقارنة للكلمة العربيّة) ويعرض فيه للأصوات اللّغويّة، وللاشتقاق،
وللأبنية والأوزان، ومعاني الألفاظ. ثمّ كتب الدّكتور صبحي الصّالح كتابه (دراسات
في فقه اللّغة) فعرض فيه للعربيّة بين أخواتها السّامية، وخصائص العربيّة، من
إعراب ومن ومناسبة حروف العربيّة لمعانيها، ومن المناسبة الوضعيّة وأنواع الاشتقاق
ومن النّحت أو الاشتقاق الكبّار... إلخ. وأخيرا كتب الدّكتور إبراهيم السّامرّائي
كتابه (فقه اللّغة المقارن) جمع فيه مجموعة من المقالات المتنوّعة، يشمل بعضها
موضوعات عامّة، كالعربيّة بين الجمود والتّطوّر والتّوليد، والثّقافة العربيّة
والإقليميّة، ويشمل بعضها الآخر موضوعات خاصّة، كالفعل والنّظام الفعليّ في
العربيّة، والنّون والميم في اللّغة العربيّة... إلخ.
وقد أدّى ذلك كلّه إلى لبس غير هيّن لدى الطّلاب خاصّة،
ولدى دارسي اللّغة على وجه العموم؛ خاصّة أنّ معظم هؤلاء الكتّاب قد سوّى بيّن
(فقه اللّغة) و(علم اللّغة) فالدّكتور وافي لا يفرّق بينهما تفريقا واضحا، حتى
إنّهما يكادان يكونان شيئا واحدا غير أنّ (فقه اللّغة) عنده يختصّ بالبحوث
المتّصلة بالعربيّة وحدها، يقول: (أمّا بحوث علم اللّغة نفسه، فقد درس المؤلّفون
من العرب بعضها تحت أسماء مختلفة أشهرها اسم (فقه اللّغة) وهذه التّسمية هي خير ما
يُوضَع لهذه البحوث؛ فإنّ فقه الشّيء هو كلّ ما يتّصل بفلسفته، وفهمه، والوقوف على
ما يسير عليه من قوانين. فقد قال صاحب المصباح: (الفقه فهم الشّيء) وقال ابن فارس:
(كلّ علم لشيء فهو فقه). وقد كنّا نودّ أن نسمّي كتابنا هذا باسم (فقه اللّغة)
لولا أنّ هذا الاسم قد خصّص مدلوله في الاستعمال المألوف، فأصبح لا يُفهم منه إلا
البحوث المتعلّقة بفقه العربيّة وحدها).
ويقرّر الأستاذ محمّد المبارك (أنّ علم اللّغة بهذا
المفهوم الّذي بسطناه والذي آل إليه الأمر في تطوّر البحث اللّغويّ، نرى أنْ نُطلق
عليه أحد الاسمين (علم اللّغة) أو (فقه اللّغة) وكلاهما يفيد المقصود وينطبق على
المفهوم العلميّ لمباحث اللّغة ... هذا وإنّنا باستعمالنا هذه التّسمية، وإطلاقنا
على هذا العلم أحد الاسمين، نكون قد جارينا قدماءنا الّذين استعملوهما كليهما،
وأصابوا كلّ الإصابة في ذلك. ويقرّر الدّكتور صبحي الصّالح أنّه (من العسير تحديد
الفروق الدّقيقة بين علم اللّغة وفقه اللّغة؛ لأنّ جلّ مباحثهما متداخل لدى طائفة
من العلماء في الشّرق والغرب، قديما وحديثا، وقد سمح هذا التّداخل أحيانا بإطلاق
كلّ من التّسميتين على الأخرى ... وإذا التمسنا التّفرقة بين هذين الضّربين من
الدّراسة اللّغويّة، من خلال التّسميتين المختلفتين اللّتين تطلقان عليهما،
وجدناها تافهة لا وزن لها ... وإنّه ليحلو لنا أن نقترح على الباحثين المعاصرين،
ألا يستبدلوا بهذه التّسمية القديمة شيئا؛ أي فق اللّغة، وأنْ يعمّموها على جميع
البحوث اللّغويّة؛ لأنّ كلّ علم لشيء فهو فقه، فما أجدر هذه الدّراسات جميعا أنْ
تُسَمَّى فقها.
على أنّ جمهرة باحثينا الذين اتّصلوا بعلم اللّغة في
مناهجه الحديثة، يلفتون إلى الفرق الواضح بين (علم اللّغة) و(فقه اللّغة).
هناك إذن فريقان؛ فريق يسوي بين (فقه اللّغة) و(علم
اللّغة) وآخر يفرّق بينهما، لكنّ المشكلة ظلّت باقية في قاعات الجامعة، وفي
الأبحاث اللّغويّة على العموم؛ لأنّ الفريق الأوّل اتّصل -في الأغلب الأعمّ-
بالمنهج العربيّ القديم، ولم يتّصل اتّصالا وثيقا بالمنهج الحديث الّذي طوّره
الغربيّون، حتّى كاد يسود كلّ الكتابات التي ظهرت لأصحابه، مكتفين بتوجيه النّقد
للمنهج العربيّ حتّى صار ذلك نغمة محبّبة لدى الطّلاب والباحثين النّاشئين. وكلا
الاتّجاهين ناقص لا جدال؛ لأنّا نؤمن أنّ درس المنهج اللّغويّ عن العرب على أساس
شامل لم يتم حتّى الآن، ولأنّ تطبيق المنهج الحديث على العربيّة -دون درسها هذا
الدّرس الشّامل- فيه قدر ضئيل من مجافاة المنهج العلميّ."
عبده الرّاجحي، فقه اللّغة في الكتب العربيّة، ص09-11.
النّص الثاني: قال تمام حسّان في كتابه (فقه اللّغة في الكتب العربيّة):
"عرف الأوربيّون اللّغة السّنسكريتيّة بعد المقال الذي كتبه عنها السّير
وليام جونز (1746-1794) مبيّنا أوجه الشّبه بينها وبين اللّغات الإغريقيّة،
واللاتينيّة، والقوطيّة، مُعْلِنا عن اعتقاده أنّ هذه اللّغات جميعا انحدرت من أصل
واحد. عندئذ فطن اللّغويون إلى وجود علاقات تركيبيّة بين أفراد فصيلة من اللّغات أطلقوا
عليها اسم (اللّغات الهندوأوربيّة) فأوضحوا الصّلة فيما بينها بواسطة دراسات
مقارنة أطلقوا عليها اسم (الفيلولوجيا المقارنة) أو (Comparative Philology) فظلّ مصطلح الفيلولوجيا مرتبطا بمفهوم اللّغات القديمة.
وتعتبر الفيلولوجيا هي الأصل الّذي تفرّع عنه علم اللّغة
أو اللّسانيات (Linguistics) في أوربا
كما تُعتبَر الأنثروبولوجيا هي ذلك الأصل بالنّسبة للدّراسات اللّغويّة الأمريكيّة
... على أنّ الفيلولوجيا بهذا المعنى الذي أصبح فيما بعد يُعرَف باسم (علم اللغة)
اتّجهت اتّجاها آخر، لم يقنع الدّارسون فيه بالنّصوص القديمة والوثائق فقط، ولم
يصبحوا مرتبطين بالقدم وحسب، وإنّما حولوا (تحليل النّصوص) إلى (مقارنة الظّواهر) ثم
تخطوا الظواهر التاريخية بأن ضموا إليها وصف الأنظمة القائمة باللغات الحيّة -هكذا-
كانت نشأة علم اللّغة من منطلق (الفيلولوجيا) ولكن علم اللّغة إن لم يتحلّل تماما
من فكرة (القدم) أو فكرة (المقارنة) فقد أضاف إليهما فكرتي (المعاصرة) و(الوصف) ووضع
القدم والمعاصرة جنبا إلى جنب، وخصص لكل منهما منهجا، فالقدم والتّحول (Diachronic) يدرس بمنهج تطوّريّ تاريخيّ والمعاصرة والثّبات (Synchronic) تدرس بمنهج
وصفيّ، أشبه ما يكون بمناهج العلوم الطبيعية، بل إنه يستعين بحقائق هذه العلوم.
وهكذا انتفع علم اللغة بمناهج العلوم الأخرى من حوله، حتى استطاع أن ينشئ لنفسه
طريقة خاصّة في النّظر إلى موضوعه، وأصبح بحق يستحق أن يعرف بأنه (الطريقة العلمية
لدراسة اللغة) واستقل علم اللغة بعد أن كان موضوعه في الماضي يدور في فلك الكتب
المقدسة كما في السنسكريتية، أو في فلك الفلسفة الإغريقيّة، أو في حظيرة الأدب
ونقده، كما حدث في لغات أخرى، وهلمّ جرا. وأسقط علم اللّغة من موضوعه ما لا يمكن
أنْ يخضع للنّظر العلميّ، كالكلام في أصل اللّغة؛ أتوقيف ذلك أم اصطلاح، وكالكلام
في تقويم اللّغات وتفضيل بعضها على بعض، وكالكلام في موضوعات تتّصل بالسّحر والشّعوذة،
وتنسب قوى غيبيّة للكلمات. تلك موضوعات كان على علم اللّغة أن يستبعدها من التراث
الذي ورثه من أفكار الأقدمين."
تمام حسّان، الأصول: دراسة إبستيمولوجيّة للفكر اللّغويّ
عند العرب: النّحو-فقه اللّغة- البلاغة، ص235-238.
السّؤال-
حلِّل النَّصَّين مفرقا بين فقه اللّغة، والفيلولوجيّا، وعلم اللّغة؛ من حيث الموضوع،
والمنهج، والغاية، معتمدا على ما درست في المحاضرة؟
التّطبيق (2): تحليل نصوص من كتاب (الكتاب) لسيبويه.
النّصّ الأوّل: قال سيبويه في باب (علم ما الكَلِمُ من العربيّة) "هذا
باب علم ما الكَلِمُ من العربية، فالكَلِم: اسمٌ، وفِعْلٌ، وحَرْفٌ جاء لمعنّى ليس
باسم ولا فعل. فالاسمُ: رجلٌ، وفرسٌ، وحائط. وأما الفعل فأمثلة
أُخذتْ من لفظ أحداث الأسماء، وبُنيتْ لما مضى، ولما يكون ولم يقع، وما هو كائن لم
يَنْقَطِع. فأمّا بناء ما مضى: فذَهَبَ، وسَمِعِ، ومُكِث، وحُمِدَ. وأما بناء ما لم
يقع فإنّه قولك آمِراً: اذهَب واقتُلْ واضرِبْ، ومخبراً: يَقْتُلُ ويَذهَبُ ويَضرِبُ،
ويُقْتَلُ ويُضرَبُ. وكذلك بناء ما لم يَنْقَطِع وهو كائن إذا أخبرتَ. فهذه الأمثلة
التي أُخذت من لفظ أحداث الأسماء، ولها أبنية كثيرة سَتُبَيَّن إنْ شاء الله. والأحداث
نحو الضَّرْبِ والحمد والقتل. وأما ما جاء لمعنّى وليس باسم ولا فعلٍ فنحو: ثُمَّ وسَوْف،
وواو القسم، ولام الإضافة، ونحوها.
سيبويه، الكتاب، ج1، ص12.
النّص الثّاني: قال سيبويه في باب (مجاري أواخر الكلم من العربيّة): "هذا
باب مجاري أواخر الكلم من العربيّة، وهي تجري على ثمانية مجارٍ: على النصب والجرَّ
والرفع والجزم، والفتح والضمّ والكسر والوقف. وهذه المجاري الثمانيةُ يَجمعهنّ في اللفظ
أربعةُ أضرب: فالنصبُ والفتح في اللفظ ضربٌ واحد، والجرّ والكسر فيه ضرب واحد، وكذلك
الرفع والضمّ، والجزم والوقف. وإنّما ذكرتُ لك ثمانية مجار لأفُرقَ بين ما يدخله ضربٌ
من هذه الأربعة، لما يُحِدثُ فيه العامل -وليس شيء منها إلا وهو يزول عنه- وبين ما
يُبْنَى عليه الحرفُ بناءً لا يزول عنه لغير شيء أحدثَ ذلك فيه من العوامل، التي لكلّ
منها ضربٌ من اللّفظ في الحرف، وذلك الحرفُ حرف الإعراب."
سيبويه، الكتاب، ج1، ص13.
السّؤال- حلِّل النَّصَّين بناء على ما درست في المحاضرة؟
التّطبيق (3): تحليل نصوص من كتاب (الصّاحبي في فقه اللّغة العربيّة) لابن
فارس وكتاب (الخصائص) لابن جني.
النّص الأوّل: قال أحمد ابن فارس في باب (القول فِي أفصح العرب): "وَكَانَتْ
قريش مع فصاحتها، وحُسن لغاتها، ورِقَّة ألسنتها، إِذَا أتتهُم الوُفود من العرب، تخيّروا
من كلامهم وأشعارهم أحسنَ لغاتهم وأصفى كلامهم. فاجتمع مَا تخيّروا من تِلْكَ اللّغات
إِلَى نَحائرهم وسَلائقهم الَّتِي طُبعوا عَلَيْهَا. فصاروا بذلك أفصح العرب. ألا ترى
أنك لا تجد فِي كلامهم عَنْعَنَة تَميم* ولا عَجْرفيّة* قَيْس، ولا كَشْكَشَة* أسَد، ولا كَسْكَسة* رَبيعةَ، ولا الكَسْر الَّذِي تسمَعه من أسدَ وقَيْس، مثل: (تِعلمون) و(نِعلم)
ومثل (شِعير) و(بِعير)."
أحمد بن فارس، الصّاحبي في فقه اللّغة العربيّة وسنن
العرب في كلامها، ص28-29.
النّص الثّاني: قال ابن جني في (باب في ترك الأخذ عن أهل المَدَرِ كما أُخِذَ
عن أهل الوبر): "علّة امتناع ذلك ما عَرَضَ للغات الحاضرة وأهل المدر، من الاختلال
والفساد والخطل، ولو عُلِمَ أنّ أهل مدينةٍ باقون على فصاحتهم، ولم يعترِض شيء من الفساد
للغتهم، لوجب الأخذ عنهم كما يُؤخَذ عن أهل الوبر. وكذلك أيضًا لو فشا في أهل الوبر ما شاع في لغة أهل المدَرِ، من اضطراب
الألسنة وخبالها، وانتقاض عادة الفصاحة وانتشارها، لوجب رفض لغتها وترك تلقي ما يَرِدُ
عنها. وعلى ذلك العمل في وقتنا هذا؛ لأنا لا نكاد نرى بدويًّا فصيحًا. وإن نحن آنسنا
منه فصاحة في كلامه، لم نكد نعدم ما يفسد ذلك، ويقدح فيه، وينال ويغُضّ منه."
أبو الفتح عثمان بن جنّي، الخصائص، ج2، ص8.
السّؤال-
حلِّل النَّصَّين بناء على ما درست في المحاضرة؟
التّطبيق (4): تحليل نصوص من كتاب (البيان والتّبيين) و(رسالة المعلمين)
للجاحظ، و(المقدِّمة) لابن خلدون.
النّص الأوّل: قال الجاحظ (255هـ) في باب (أدوات البيان الخمس): "وجميع
أصناف الدّلالات على المعاني من لفظ وغير لفظ، خمسة أشياء لا تنقص ولا تزيد: أوّلها
اللّفظ، ثم الإشارة، ثم العقد* ثم الخطّ، ثم الحال الّتي تسمى نصبة.* والنّصبة هي الحال الدّالة التي تقوم مقام تلك الأصناف، ولا تقصر عن تلك
الدّلالات. ولكل واحد من هذه الخمسة صورة بائنة من صورة صاحبتها، وحلية مخالفة لحلية
أختها، وهي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة، ثم عن حقائقها في التّفسير، وعن
أجناسها وأقدارها، وعن خاصّها وعامّها، وعن طبقاتها في السّار والضار، وعما يكون منها
لغوا بهرجا، وساقطا مطرحا."
ينظر: أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، البيان والتّبيين،
ص82-87.
النّص الثّاني: قال الجاحظ (255هـ) في باب (تعليم النّحو والرّياضة): "وأمّا
النّحو فلا تشغل قلبه منه إلا بقدر ما يؤدّيه إلى السّلامة من فاحش اللّحن، ومن مقدار
جهل العوامّ في كتابٍ إنْ كتبه، وشعر إنْ أنشده، وشيء إنْ وصفه. وما زاد على ذلك فهو
مشغلة عمّا هو أولى به، ومذهل عمّا هو أردّ عليه منه، من رواية المثل والشَّاهد، والخبر
الصَّادق، والتّعبير البارع. وإنّما يرغب في بلوغ غايته ومجاوزة الاقتصار فيه، من لا
يحتاج الى تعرّف جسيمات الأمور والاستنباط لغوامض التدبّر، ولمصالح العباد والبلاد،
والعلم بالأركان والقطب الذي تدور عليه الرّحى؛ ومن ليس له حظّ غيره، ولا معاش سواه."
أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، الرّسائل الأدبيّة، ص205.
النّص الثّالث: قال ابن خلدون (808هـ) في (الفصل الخامس والأربعون في علوم
اللّسان العربيّ): "أركانه أربعة وهي اللّغة، والنّحو، والبيان، والأدب ومعرفتها
ضروريّة على أهل الشّريعة، إذ مأخذ الأحكام الشّرعيّة كلّها من الكتاب والسّنّة، وهي
بلغة العرب ونقلتها من الصّحابة والتّابعين عرب وشرح مشكلاتها من لغاتهم فلا بدّ من
معرفة العلوم المتعلّقة بهذا اللّسان لمن أراد علم الشّريعة. وتتفاوت في التّأكيد بتفاوت
مراتبها في التّوفية بمقصود الكلام حسبما يتبيّن في الكلام عليها فنّا فنّا والّذي
يتحصّل أنّ الأهمّ المقدّم منها هو النّحو إذ به تتبيّن أصول المقاصد بالدّلالة فيعرف
الفاعل من المفعول والمبتدأ من الخبر ولولاه لجهل أصل الإفادة. وكان من حقّ علم اللّغة
التّقدّم لولا أنّ أكثر الأوضاع باقية في موضوعاتها، لم تتغيّر بخلاف الإعراب الدّالّ
على الإسناد، والمسند، والمسند إليه، فإنّه تغير بالجملة ولم يبق له أثر. فلذلك كان
علم النّحو أهمّ من اللّغة إذ في جهله الإخلال بالتّفاهم جملة وليست كذلك اللّغة والله
سبحانه وتعالى أعلم وبه التّوفيق."
عبد الرّحمن بن ابن خلدون، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ
العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشّأن الأكبر، ص753.
السّؤال-
حلِّل النُّصوص الثّلاثة بناء على ما درست في المحاضرة؟
التّطبيق (5): تحليل نصوص من كتاب (الإيضاح في علل النّحو) للزّجاجي،
وكتاب (النّظريّة الخليليّة الحديثة: مفاهيمها الأساسيّة) لعبد الرّحمن حاج صالح.
النّص الأوّل: قال أبو القاسم الزجاجيّ (337هـ) في (باب القول في الإعراب،
أحركة هو أم حرف): "قد قلنا إنّ الإعراب دال على المعاني، وإنّه حركة داخلة
على الكلام بعد كمال بنائه. فهو عندنا حركة، نحو الضّمة في قولك هذا جعفر، والفتحة
من قولك رأيت جعفرا، والكسرة من قولك مررت بجعفر. هذا أصله ومِن المجمع عليه أنّ
الإعراب يدخل على آخر حرف في الاسم المتمكّن والفعل المضارع، وذلك الحرف هو حرف
الإعراب. فلو كان الإعراب حرفا ما دخل على حرف. هذا مذهب البصريّين. وعند
الكوفيّين أنّ الإعراب يكون حركة وحرفا، فإذا كان حرفا قام بنفسه، وإذا كان حركة
لم يُوجَد إلا في حرف. ثمّ قد يكون الإعراب سكونا وحذفا، وكذلك الجزم في الأفعال
المضارعة، وحرفاً."
أبو القاسم عبد الرّحمن بن إسحاق الزّجاج، الإيضاح في
علل النّحو، ص72.
النّص الثّاني: قال عبد الرّحمن الحاج صالح في كتابه (النّظريّة الخليليّة
الحديثة: مفاهيمها الأساسيّة): "إنّ
البنويين ينطلقون في تحليلاتهم من الكلام الخامّ المُدَوَّن في مدوّناتهم، وهو غير
مفصول بعضه عن بعض. فيلجؤون إلى عمليتين يجرونهما معا، وهي التّقطيع بالاعتماد على
الاستبدال (Commutation/ Segmentation) يقطّعون قطعة من الكلام فيختبرونها
باستبدالها بقطعة أخرى، فإذا بقي الكلام كلاما مستقيما، حكموا على القطعة الأولى
بأنّها وحدة من وحدات هذا الكلام، مثل: ذهب به/ كتب به/ ذهب إليه/ ذهب بك.
فالعبارة الأولى تتكوّن من ثلاث وحدات لقابليّتها للاستبدال مع بقاء الاستقامة.
أمّا أصحاب النّحو التّوليديّ (ونظريّة المكوّنات) فإنّهم يفترضون أنّ كلّ جملة
تنقسم إلى تركيب اسميّ وتركيب فعليّ (Varb phrase/ Noun phrase) فهم ينطلقون من شيئين بالتّحكم الكامل:
مفهوم الجملة بدون تحديد، وافتراض انقسامها بدون دليل في البداية وهو تحكّم محض
كما قلنا.
أمّا النّحاة العرب المتقدّمون فإنّهم لا يفترضون
شيئا؛ بل ينطلقون من واقع اللّفظ وواقع الخطاب في الوقت نفسه. فينظرون في الكلام
الطّبيعيّ أي في المخاطبات العادية، في ما هو أقلّ ما يمكن أن يُنْطَق به من
الكلام المفيد، فيكون ذلك بالنّسبة لكلام العرب قطعة صوتيّة مثل (كتاب) أو أيّ
قطعة مماثلة كجواب لسؤال: ما بيدك؟ مثلا. وهذه القطعة هي في الوقت نفسه كلام مفيد
وقطعة لفظية، لا يمكن أن يوقف على جزء منها مع بقاء الكلام مفيدا. وهذا ما يصفونه
بأنّه: (ما يَنْفَصِل ويُبْتَدأ) ويختبرون هذه القطعة بحملها على قطع أخرى لها
منزلتها؛ أي (تَنْفصِل وتُبْتَدأُ). فعبارات أخرى مثل: (بكتاب) و(بالكتاب) و(كتاب
كبير) كلّ واحدة منها يمكن أن تكون كلاما مفيدا، ولا يوقف على جزء منها. ثمّ
يرتّبون هذه العبارات على أساس تفريعيّ؛ أي على أنّ بعضها أصل لبعض. والأصل عندهم
هو ما يُبْنَى عليه، وبالتّالي ما ليس فيه زيادة. فالأصل هنا هو (كتاب) وتتفرّع
عليه العبارات الأخرى الّتي هي مكافئة لها (=بمنزلتها) من حيث الانفصال والابتداء
(=الانفراد) بإلحاقها ما يسمُّونه بالزّوائد، وهي أداة التّعريف، وحرف الجرّ على
اليمين، والإعراب، والتّنوين إذا لم تدخل (ألـ) أو المضاف إليه، وأخيرا الصّفة.
فكلّ هذه الزّوائد تدخل في حدّ الاسم. والزّيادة على الأصل هي نوع من التّحويل على
حدّ تعبير اللّسانيات. فالاسم المفرد وما بمنزلته هو وحدة يحدّدها هذا التّحديد
الإجرائيّ (=تحديد فيه عمليات تحويليّة). وتتحدّد في الوقت نفسه كلّ المكوّنات
الّتي تتألّف منها هذه الوحدة (وسمّوها بعد سيبويه باللّفظة). فلكلّ جزء من
اللّفظة موضع خاصّ، فأداة التّعريف لا تظهر إلا في الموضوع الأوّل على يمين الأصل،
وبعدها حرف الجرّ. فالوظيفة النّحويّة تُحَدّد لنا بكيفيّة صوريّة. ثمّ إنّ الموضع
لا يلتبس بما يمكن أن يكون فيه. فالموضع باق كجزء من البنية إذا ما خلا ممّا يدخل
فيه.
هذا وقد تبيّن للنّحاة أنّ بعض الأسماء قد لا تقبل
بعض الزّوائد فجعلوها أصنافاً. ووصفوا الّتي تقبل كلّ الزّوائد بالتمكّن والتّصرّف
التامّ (متمكّن أمكن) وبعضها الّتي لا تقبل التّنوين وبعض الإعراب بغير المنصرف،
والّتي لا تقبل أيّ زيادة بالبناء (على صيغة واحدة) وهي الضمائر وبعض الظروف
وغيرها. وينبغي ألا نخلط بين هذا التّحليل الصّوريّ النّاجع بالتّحليل الدّلاليّ.
إلا أنّ النّحاة يخصّصون لكلّ موضع دلالته الوضعيّة (أي الّتي وُضِعَت له في
الأصل) فهذا المثال هو قاعدة صوريّة لتحليل المعنى (الوضعيّ) ولا يلجؤون أبداء إلى
الدّلالة في التّحديد الّلفظيّ أو الصّوري للوحدات." ولذلك قالوا بأنّ اللّفظ
هو الأوّل. أمّا إذا صار المعنى الوضعيّ معنى آخر كما في المجاز، فيكون لهذه
الظّاهرة طريقة أخرى في التّحليل، وترجع إلى البلاغة كما سبق أن قلنا."
عبد الرّحمن الحاج صالح، النّظريّة الخليليّة الحديثة:
مفاهيمها الأساسيّة، ص73-76.
السّؤال-
حلِّل النَّصَّين بناء على ما درست في المحاضرة؟